قد يلاحظ الوالدين أن طفلهم يواجه صعوبات في القراءة وفي تهجئة الكلمات. وقد يكون هذا مرتبط بخلل في التعلم يسمى (عسر القراءة). لذلك يعتبر هذا الموضوع هاما للوالدين للاطلاع، حتى لا يكون طفلهم (لا سمح الله) مصابا بهذا الخلل. ولكن بداية ما هو عسر القراءة لدى الأطفال؟
عسر القراءة (Dyslexia) هو عدم القدرة على القراءة، أو فهم الكلمة المكتوبة، وذلك بسبب صعوبة معالجة اللغة المكتوبة من حروف وكلمات وربطها بأصواتها. لذلك فهي تصنف كصعوبات في التعلم. وتتميز بصعوبات في الوعي الصوتي، وفك الحروف والكلمات، والطلاقة، وفهم ما يقرأ. موقع أطفالنا يقدم شرحا مفصلا عن هذا الموضوع الهام.
أسباب عسر القراءة
إن الأسباب الدقيقة لعسر القراءة لا تزال غير واضحة بشكل جلي، إلا أن الأبحاث تشير إلى أن الأسباب قد تكون مزيجا من العوامل الوراثية والبيئية. وتشمل بعض الأسباب المحتملة ما يلي:
1. الاستعداد الوراثي
بعض العائلات ينتشر فيها عسر القراءة، مما يشير إلى أن (الاستعداد الوراثي) سبب هام لعسر القراءة.
2. بنية الدماغ ووظيفته
أظهرت الأبحاث أن الأفراد الذين يعانون من عسر القراءة، قد يكون لديهم اختلافات في بنية الدماغ ووظيفته، وخاصة في المناطق المسؤولة عن معالجة اللغة.
3.عوامل النمو العصبي
قد يكون عسر القراءة مرتبطًا بتأخر أو تشوهات في النمو العصبي، مما أدت هذ التشوهات إلى التأخر في تطور مهارات اللغة والقراءة خلال مرحلة الطفولة المبكرة.
4. العوامل البيئية
قد يكون عدم الاهتمام المبكر بمهارة القراءة لدى الطفل، وعدم توفير الكتب والقصص ومواد القراءة الأخرى، من العوامل البيئية التي تساهم في ظهور عسر القراءة.
أعراض عسر القراءة
قد يظهر على الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة بعض أو كل الأعراض التالية:
1. صعوبة في التعرف على أصوات الحروف والكلمات وتذكرها
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة قد يواجهون صعوبة في التعرف على أصوات الحروف الفردية، ومجموعات الحروف التي تكون الكلمات.
2. مشكلة في فك تشفير الكلمات
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة قد يواجهون صعوبة في نطق الكلمات، وذلك من خلال تحليلها إلى حروف (أصوات) ومن ثم جمعها معا.
3. القراءة البطيئة الشاقة
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة قد يقرأون ببطء ومشقة، وقد ينطقون كل كلمة لوحدها، أو الاعتماد بشكل كبير على سياق الجملة حتى يكملوا القراءة.
4. صعوبة في الوعي الصوتي
الوعي الصوتي هو القدرة على سماع الأصوات الفردية، والتعامل معها داخل الكلمات، فقد قد يواجه الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة صعوبة في هذه المهارة.
5. الصعوبة في تهجئة الكلمات بشكل صحيح
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة قد يواجهون صعوبة في تهجئة الكلمات بشكل صحيح، وذلك بسبب الصعوبات في الوعي الصوتي (تمييز أصوات الحروف وربطها بشكلها الكتابي).
6. سلوكيات تجنب القراءة
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة يتجنبون عادة أنشطة القراءة، أو يظهرون إحجامًا عن القراءة بصوت عالٍ، وذلك بسبب الإحباط أو الخجل.
7. صعوبة فهم ما يقرأ
الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة قد يواجهون صعوبة في فهم ما يقرؤونه، وذلك بسبب الصعوبات في الطلاقة والتعرف على أصوات الكلام، ومعرفة مدى صلتها بالحروف والكلمات.
آثار عسر القراءة على الأطفال
يمكن أن يكون لعسر القراءة (وللأسف) تأثير كبير على الأداء الأكاديمي للطفل، واحترامه لذاته، هذه الآثار نوجزها فيما يلي:
1. تدني احترام الذات
قد يصاب الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة بمشاعر سلبية تجاه أنفسهم، وذك بسبب معاناتهم في القراءة والكتابة.
2. الصعوبات الأكاديمية
قد يواجه الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة صعوبة في مواكبة أقرانهم في المدرسة، وذلك بسبب الصعوبات التي يواجهونها في القراءة والكتابة.
3. العزلة الاجتماعية
قد يتجنب الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة الانخراط الاجتماعي، أو يتجنبون الأنشطة التي تتضمن القراءة أو الكتابة، وذلك بسبب مشاعر الإحراج أو الخجل.
4. الاضطراب العاطفي
عسر القراءة قد يسبب شعور عند الطفل بنقص ما، وذلك مقارنة مع زملائه، وقد يسبب خشية من نظرة المجتمع المحيط له، وهذا يؤدي إلى اضطراب عاطفي وقلق، وربما يصل إلى الاكتئاب.
كيف يتم تشخيص عسر القراءة؟
يتم تشخيص عسر القراءة عادة من خلال تقييم شامل من قبل متخصص مؤهل، مثل طبيب نفسي، أو متخصص في صعوبات التعلم، ويشمل التقييم ما يلي:
1. الملاحظة
يراقب المتخصص قدرات الطفل على القراءة، ويلاحظ أي صعوبات أو اضطرابات قد تواجهه.
2. الاختبارات المعيارية
تُستخدم الاختبارات المعيارية لتقييم مهارات القراءة لدى الطفل، بما في ذلك فك التشفير (ربط الأصوات بالكتابة)، والطلاقة، والمفردات، والفهم.
3. الملاحظات السلوكية
يقوم المتخصص بملاحظة سلوك الطفل أثناء أنشطة القراءة، مع ملاحظة أي سلوكيات لتجنب القراءة.
4. تقارير الوالدين
يتم سؤال الوالدين عن عادات القراءة لدى الطفل، وما نوع الصعوبات التي يواجهها، وسلوكياته في المنزل.
العلاج
لا يوجد علاج حاسم لعسر القراءة، ولكن هناك مناهج تعليمية ونفسية متخصصة تخفف من هذه الأعراض، وتمنح الطفل فرصا للتعلم، ويساعد في تكافؤ الفرص. وتقوم هذه المناهج على التعليم القائم على الصوتيات، والتعليم متعدد الحواس، والتركيز على مهارات الوعي الصوتي، واستخدام الرسوم، والدعم النفسي للطفل. من أشهر هذه المناهج هو منهج أورتن-جيلنجهام (Orton–Gillingham)
خاتمة
عسر القراءة هو خلل تعليمي شائع يؤثر على قدرة الطفل على القراءة والكتابة والتهجئة، وذلك له تأثير على الأداء الأكاديمي للطفل، واحترامه لذاته. لذلك فإن التشخيص المبكر، والتدخل من قبل متخصصين يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في مسيرة الطفل الأكاديمية وبناء شخصيته. ويكون ذلك من خلال توفير الدعم اللازم، حيث يمكن للمعلمين المختصين مساعدة الأطفال الذين يعانون من عسر القراءة على تطوير استراتيجيات قراءة فعالة. ويجعلونهم يثقون في قدراتهم وفي أنفسهم. لذلك – وبعد قراءتك لهذا الموضوع – إذا ساورك الشك بأن طفلك مصاب بعسر القراءة، فإننا ننصحك بالتوجه فورا لأحد مراكز صعوبات التعلم المعتمدة لطلب المشورة والدعم.